قال العلامة الدكتور يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد
العالمي لعلماء المسلمين إن محمدا صلى الله عليه وسلم بلغ في سلامة الذوق
وفي رهافة الحس وفي حسن معاملة الناس مبلغا يجعله أسوة لسائر البشر، مشيرا
إلى قوله تعالى: " لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة".
وفي
خطبة الجمعة 8 مايو ووفق ما نقلت صحيفة الشرق القطرية فقد تناول فضيلته "
الذوق" الذي تميزت به الشخصية المحمدية، مستعرضا عددا من الآداب التي رسخها
القرآن الكريم في الأمة، مثل آداب الزيارة والاستئذان في الدخول على الأهل
والأصدقاء، حتى نزلت سورة تعلم المسلمين كيفية التعامل والحديث مع رسول
الله صلى الله عليه وسلم وهي سورة الحجرات.. "إن الذين يغضون أصواتهم عند
رسول الله أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى".
لم يتكلم بكلمة
تسوء
وقال إن النبي صلى الله عليه وسلم كان قرآنا حيا، وكان يفسر
القرآن بأقواله وأفعاله وبأخلاقه وسلوكه، وكان مثالا للذوق الرفيع في كل
شيء، كان إذا تكلم يخفض صوته إلا في خطبة معينة، فيعلو صوته كأنه نذير جيش
وتحمر وجنتاه، لكنه في حديثه العادي خفيض الصوت، لم يتكلم بكلمة تسوء جليسا
أو سامعا، وقد أجمع الصحابة رضوان الله عليهم على أنه صلى الله عليه وسلم
لم يكن فاحشا ولا متفحشا ولا سبابا ولا لعانا ولا صخابا في الأسواق.
وأضاف
أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا استمع إلى شخص أصغى إليه وأقبل عليه حتى
لو أطال، ويظل مقبلا عليه حتى يكون الرجل هو المنصرف، يقول أنس رضي الله
عنه: "ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم آخذا بيده رجل فينزع يده حتى يكون
الرجل هو الذي ينزع يده"، مبينا أن هذا الأمر لم يكن خاصا بالرجال الأحرار
فقط، وإنما كان هذا الأمر عاما مع العبيد والإماء، وكما يقول أنس أيضا:
"كانت الوليدة (أي الأمة) من ولائد المدينة تأتي فتأخذ بيد رسول الله صلى
الله عليه وسلم فما يدع يده من يدها، وتمضي به في طرقات المدينة حتى يقضي
حاجتها" من ذوقه وحيائه وأدبه وتواضعه صلى الله عليه وسلم.
نيات
الأعمال
وقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يذكر شخصا
بعينه إذا صدر منه أمر منكر بل كان يصعد المنبر ويقول: "ما بال أقوام
يفعلون كذا وكذا" وكل لبيب يفهم بالإشارة، وقد قال العلماء إن حديث "إنما
الأعمال بالنيات" إنما قاله الرسول في بعض الصحابة الذين هاجروا ليتزوجوا
نساءً يحبونهن، ومنهم صحابي يحب أم قيس، حتى قيل عنه مهاجر أم قيس، لكن
النبي صلى الله عليه وسلم لم يذكر أحدا في حديثه ولكنه قال: "إنما الأعمال
بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته
إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى
ما هاجر إليه" وكل إنسان يفهم ما قصد بالحديث، وقد كان التعميم والخطاب
العام هو الطريقة المفضلة في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى لا
يؤذي مشاعر الناس.
________________