السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله الجنان ورضا الرحمن شيخنا الفاضل ..
وفتح لكم أبواب الخير والتوفيق في الدنيا والآخرة ..
سؤالي جزاكم الله خير :..
بالنسبة للعابد الذي أسخط الله عليه حين قال للعاصي ( والله لا يغفر الله لك ) .. فدخل النار .. هل أحبطت كل أعماله السابقة واللاحقة نتيجة ذلك وهل استمر على عبادته بقية حياته ( مع عدم قبولها ) أم أنه انقطع عن العمل وحرم الطاعة وانتكس كعقاب من الله ..
وهل يمكن أن يستمر المرء على عباداته وهو واقع تحت سخط الله
أم أن سخط الله يحرم العبد الإقبال على الصالحات ..
و كيف يستدل على رضا الله عن العبد أو سخطه عليه ..؟
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
آمين ، ولك بمثل ما دعوت .
الذي يظهر أنه الثاني ؛ لأنه لا يُحبِط الأعمال جميعا إلاّ الشرك بالله عَزّ وَجَلّ ، والوفاة على ذلك ، كما قال الله عَزّ وَجَلّ : (وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآَخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) .
وروى البخاري من طريق عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ : قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَوْمًا لأَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم : فِيمَ تَرَوْنَ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ : (أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ) ؟ قَالُوا : اللَّهُ أَعْلَمُ ، فَغَضِبَ عُمَرُ ، فَقَالَ : قُولُوا نَعْلَمُ ، أَوْ لاَ نَعْلَمُ ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : فِي نَفْسِي مِنْهَا شَيْءٌ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، قَالَ عُمَرُ : يَا ابْنَ أَخِي قُلْ ، وَلاَ تَحْقِرْ نَفْسَكَ . قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : ضُرِبَتْ مَثَلاً لِعَمَلٍ . قَالَ عُمَرُ : أَيُّ عَمَلٍ ؟ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : لِعَمَلٍ . قَالَ عُمَرُ : لِرَجُلٍ غَنِيٍّ يَعْمَلُ بِطَاعَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ثُمَّ بَعَثَ اللَّهُ لَهُ الشَّيْطَانَ فَعَمِلَ بِالْمَعَاصِي حَتَّى أَغْرَقَ أَعْمَالَهُ .
قال ابن رجب : وقال عطاء الخراساني : هو الرجل يُخْتَم له بِشِرْك أو عَمَل كبيرة فيحبط عمله كله .
ويُمكن أن يكون الشخص يعمل الصالحات ، وهو في سخط الله ، كما في قوله عليه الصلاة والسلام : إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ الْجَنَّةِ فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ النَّارِ فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ . رواه البخاري ومسلم .
وفي حديث أَبَي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : يُوشِكُ إِنْ طَالَتْ بِكَ مُدَّةٌ أَنْ تَرَى قَوْمًا فِى أَيْدِيهِمْ مِثْلُ أَذْنَابِ الْبَقَرِ يَغْدُونَ فِى غَضَبِ اللَّهِ وَيَرُوحُونَ فِى سَخَطِ اللَّهِ . رواه مسلم .
المجيب : فضيلة الشيخ عبدالرحمن السحيم
والله تعالى أعلم
و حديث ذو صله بالموضوع انقل هنا
ما معنى الحديث ( إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها ذراع .. ).
بسم الله الرحمن الرحيم
فضيلة الشيخ عبد الرحمن السحيم - وفقه الله -
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فضيلة الشيخ ..
ما شرح الحديث الذي ورَدَ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم [ إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها ..
وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها ]
وهل عمل أهل الجنة الذي يعمله الإنسان ثم يسبق عليه الكتاب ، عمل رياء ..
فضيلة الشيخ
هل لهذا الإنسان صفات معينة أو هل به خلل في نيته ، فلما علِم الله منه ذلك قلب قلبه وصار مِن أهل النار ؟؟
أم ما المقصود بهذا الحديث ؟؟
قتح الله عليك فضيلة الشيخ فتوح العارفين ووفقك الله وثبّتك على الحق ونوّر الله حياتك ورفع الله مقامك بالدنيا والآخرة .
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
آمين ، ولك بمثل ما دعوت .
هذا من عدم الإخلاص .
وفي حديث سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ زيادة توضّح السبب في ذلك .
ففيه : إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ الْجَنَّةِ فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ النَّارِ فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ . رواه البخاري ومسلم .
فقوله : " فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ " أي : فيما يظهر لهم ، وإلاّ فإن حقيقة الأمر أنه لا يعمل بِعمل أهل الجنة إلاّ رياء وسمعة .
ويدلّ على ذلك سبب وُرُود الحديث ، وهو أن رجلا قاتَل قِتَالاً شديدا ، فلما كان آخر النهار جُرِحَ جُرْحًا شَدِيدًا فَاسْتَعْجَلَ الْمَوْتَ ، فَوَضَعَ نَصْلَ سَيْفِهِ فِي الأَرْضِ وَذُبَابَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهِ ثُمَّ تَحَامَلَ عَلَيْهِ فَقَتَلَ نَفْسَهُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ ذَلِكَ : إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ الْجَنَّةِ فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ ... الحديث .
ومثل ذلك : أوّل من تُسعّر بهم النار : مُجاهِد وعالِم وجَواد . كما في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه .
فهؤلاء يُقال لهم : فعلتم ليُقال ..
فكانوا يعملون أعمال الخير فيما يظهر للناس ، ولكنهم في حقيقة الأمر يعملون لينالوا جزاء دنيويا .
والله تعالى أعلم .
__________________
مِن أعظم أسباب التوفيق الكُبرى :
سلامة القَصْد وصفاءُ النيّةِ وخلوصًها مِن الغِلِّ والدَغَل ..
ولهذا قال الله عز وجل منبهًا على هذا المعنى في أمرِ الحكمين عند اختصام الزوجين :
{ إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا }